الإصرار على الحياة

الإصرار على الحياة حمل الفرد هويته منذ بداية تكوينه ونشأته ثم يمضي قدما في رحلته في هذه الحياة، متسلحاً بأهدافه وخططه ساعياً لإكتشاف ذاته وشغفه ورسالته، سالكاً طريقاً إختارها بقوة نواياه، مدفوعاً بالكثير من الأسباب والمحفزات للمضي قدماً في كل يومٍ جديد بآمالٍ جديدة ونوايا جديدة تأخذه للعمق أكثر فأكثر على الرغم أنَّ إدراكه للأحداث غالباً ليس بنفس مستوى ذلك العمق، لكنّ مجريات الحياة تأخذه في ثناياها؛ فمنهم من قد يدقق في التفاصيل، بينما هنالك مَن يدع الحياة تمضي كما هي دون أدنى التفاتٍ أو تحليل. يبدأ إصرارنا على الحياة عند إكتشاف شغفنا الذي يحمل في طيّاته رسالتنا في هذا الكون. إنّ عدم القدرة على اكتشاف الشغف في الحياة يقود إلى فقدان التركيز والتشتت الذهني، مبطئاً من مسيرة التقدم، فاتحاً الطريق لتسلل اليأس والإستسلام، حيث يبدأ الشعور بالملل من أبسط الأشياء وتتوقف كل المحفزات الداخلية الباعثة لروح الإستمرار. إنّ الروتين الذي أصبح يهاجم حياتنا في كل مفاصلها ونواحيها كفيلٌ بأن يمارس سطوته على البعض، ويفرض حالة من التفكير الخطي أحادي الإتجاه، مجهول النهاية والأبعاد، مما قد يسبب شعوراً بالإحباط والإكتئاب يسوق نحو السقوط في هاوية إنعدام المشاعر أو بلادتها؛ حيث يذبل فينا كل شيء . ما هو الحل؟ قد يعتقد شخص ما بأن الظروف والتشابكات الخارجية لا يمكن التحكم بها خلال رحلتنا في الحياة، ولا نملك أي وسيلة لمواصلة شغفنا ورسالتنا في ظل التعقيدات والظروف التي نواجهها وتقوم بتغيير وجهتنا باستمرار. الحل هو أنت، فطالما كنت تملك الأمل وأنت المتحكم بمشاعرك فأنت تستطيع أن تصل للهدف والسعادة، كن دائماً متسلحاً بالأمل ولا تسلّم مشاعرك للظروف، فالشخص السعيد ليس هو الشخص الذي تتوفر له ظروف معينة، ولكنه الشخص الذي  لديه مجموعة من التوجهات الذهنية كما أشار هيو داونز . عليك أن تتجرد من كل المشاعر الخارجية وتركز على الداخل لتحاول النهوض من جديد، توقف قليلاً وأنظر إلى كل ما مضى وما أنت عليه الآن وإلى أين تمضي، هذه  أسئلة مهمة في العمق لإيجاد الشغف في حياتنا  كي نحققَ أهدافنا ورسالتنا على هذه الأرض. قد تكون محاطاً بالكثير من الإيجابية والدعم النفسي والمعنوي، لكنْ الأهم أن تسمعَ صوت نفسك، إنتبه جيداً إلى صوتك الداخلي، إربطها جميعاً بما تشعر وإصنع الإيجابية والدعم لنفسك؛ فليس باستطاعة الجميع أن يرى جمال الحياة كما تراها أنت بعينيك، فقد ترى زاوية جميلة في الوقت الذي تكون منهمكاً في البحث عن حلول ٍ لكثيرٍ مما تواجه. إبدأ بالتأمل حيث صفاء الذهن، ثم اكتب كل ما يجول بخاطرك في هذه الأثناء، أي كلمة عابرة  قد تكون بصيصاً لأمل جديد، جمّع أفكارك واكتب أهدافك بتدرج من أبسطها إلى أعمقها، حدد رؤيتك وخط حياتك وتذكر دائماً أنّه باستطاعتك أنْ تبدأ من جديد كلّما أردت ذلك، فنقطة الصفر هي فرصةٌ لإنطلاقة جديدة. إنّ قوة الإرادة هي مفتاح البداية لهذه الطريق، كما قال واين داير في كتابه أستطيع أن أرى بوضوح الآن : “غير تفكيرك، تحمل مسؤولية كل شيء في حياتك واهزم تفكيرك الخاطئ” ثم انطلق في رحلة الحياة. إن الإصرار على الحياة ينطلق من الداخل ، ركز على نفسك من الداخل، إربط بين الاحداث التي تمر بك وبين شعورك من الداخل، حلل الأسباب التي تقبع خلفه وفكر في تحسينه شيئاً فشيئاً، بتدرج وخطوة بخطوة ستصل إلى مرادك، ستصل إلى نجاحك الداخلي قبل الخارجي، ستنتصر على نفسك أولاً ثم تواصل المضي قُدماً وتبدأ بتحقيق ما تريد، حينها عليك أن تنتبه لخطواتك جيداً فأنت على الطريق الصحيح وحدسك لن يخطئ