نحنُ لا نسيطر على مشاعرنا لكننا ندركها ونتوازن، حيثُ تعتبرُ المشاعر أول تكوينٍ للإنسان وأساس كل أفعاله، فالمشاعر تُشكّل النسبة الأكبر في حياتنا لما لها من ارتباط أساسي في كل ما يحدث حولنا.
كيف نفعّل الفكرة من خلالِ المشاعر؟
تكمنُ المشكلة في طريقةِ خلقِ الشعور .. فأغلبنا يقرأ النظريات لكنّنا لا نعلم طريقة تَفعيلها في حياتنا ونبقى عالقين في الفكرة .. فالمشاعر هي المنبع الرئيس والجذر الذي تنبت منه كل الأفكار وردّات الأفعال وتسيير الأمور ومجريات حياتنا.
تأتي مرحلة الإدراك للشعور في أولى المراحل لتفعيل الفكرة من خلالِ المشاعر، فعندما ندرك فكرة معينة، علينا في ذات اللحظةِ أن نلاحظ ما نشعر به اتجاه هذه الفكرة.
مرحلة التحليل هي المرحلة الثانية، فنبدأ بتحليل هذا الشعور لنَصل إلى جذرهِ وَصلَتِه بالفكرة. حيث نقوم بِطرح الأسئلة باستخدام ( لماذا ) بشكلٍ متواصل ومستمر حتى نصلْ إلى المرحلةِ التي نحصلُ على الإجابة فيها وليس هنالِكَ المزيدُ من الأسئلة ليتمّ طرحَها، وبهذا نكون قد وصلنا إلى جذر الشعور.
من المهم جداً أن ننتبه جيداً إلى الفروقات بين كل مستوى من مستويات الوعي وما يرتبط به من الفهم والإدراك، فهي مراحل نمر بها من خلال تجاربنا في الحياة، تبدأ بالوعي والاعتراف بالتجربة ثم فهم المعنى والفكرة من هذه التجربة واخيراً وهي المرحلة الأعمق من الفكرة حيثُ نُدرك الشعور المرتبط بالفكرة.
فمثلاً فكرة الفشل في الحياة تتردد دائماً في ذهنك! اربط شعورك في هذه اللحظة مع الفكرة… بماذا تشعر؟ مثلاً اشعر بالخوف! لماذا اشعر بالخوف؟ لأنني لا أعلم ما هو مصير مسيرتي العملية .. ثم نضع خيارات جديدة مرتبطة في مصير العمل والمستقبل .. ماذا لو خسرت ذلك العمل؟ ما هي الخيارات الأخرى المتاحة أمامي .. ماذا باستطاعتي أن أخلق في عالمي وما عليّ أن أَفعَل الآن وأيُّ شعور يجب أن أُفعّل حتى أطمئن أكثر … وهكذا ! إلى أن تَصل إلى السبب خلفَ هذه الفكرةِ وتبدأ بتغيير شعوركَ اتجاهها.
أحياناً يتعلق الأمر بإيماننا في أعماق داخلنا بمعتقد أو نظرية معينة ويتطلب منا البحث ما إذا كنا نؤمن بهذا المعتقد بالعمق من الداخل أم أنها عملية رفض لذات الشيء فيظهر انعكاسه في حياتنا. ففي المحصلة هي عملية بحث عن المعيقات الفكرية التي تواجهنا لتجلي هذه المشاعر.
وبذلك عند إدراك نقطة إلتقاء الشعور والفكرة باستطاعتنا القول أننا سنتغير بطريقة تخدم رسالتنا ومسيرتنا في هذه الحياة، لأننا قد وصلنا إلى القدرة على خلق شعور جديد للفكرة المسيطرة علينا، والتي كانت بطريقة أو بأخرى تُعطل جريان حياتنا.
اسمح بوعي لكل تلك الأحاسيس بالمرور وأنت مدركٌ لطبيعتها، أن تدركَ أنك أنتَ الوعي الذي تمر عبره الأشياء وأنك المراقب للمحتوى الذي تحمله المشاعر ..
كن دائماً متجدداً واسمح للحياة بحيويتها أن تغمرك وتتجلى في واقعك وجسدك ولا تكن كالماء الراكد الذي لا يعكس إلا ما يسقط على سطحه، كن كالنهر دائم الجريان، محتفلاً بنعمة الحياة وهباتها وتمنح العطاء والبهجة في كل الدروب التي تمر فيها.