هنالك الكثير من الأسئلة التي تتنامى إلى أذهاننا بحثاً عن الإجابة، لكننا لن نجدها إلا إذا ما بحثنا طويلاً داخل أرواحنا، فمن يعي فعلاً قيمة هذا الشعور العظيم لهذا الرابط الروحي الجميل، لن يبحث عن الإجابات السهلة على السطح، فهو أكثر من كونه رابط جسدي أو مادي. يأخذنا ذلك الشعور إلى عالم أبعد من كل ما يحيطنا في هذه الدنيا، هو شعور ينبع من أعماق الروح ليطفو على ملامح حياتنا، يرفع من درجة وعينا لندرك أهميتنا في هذه الحياة. سنرى العالم بنظرة مختلفة أكثر إشراقاً، ونتوقف كثيراً عند التفاصيل الصغيرة لنتمعن جمال الموقف ككل، يملؤنا النور فنحب الجميع دون استثناء رغم كل ما يدور حولنا، سنجد الجمال أينما نظرنا، لأن بريق أعيننا اختلف، لأننا متصلون بالكون وطاقته لذلك نرى العالم بشكل مختلف.
يقول جلال الدين الرومي: إننا لسنا بحاجة للبحث عن الحب خارج أنفسنا بل كل ما علينا عمله هو أن نتمكن من إزالة العقبات التي تبعدنا عن الحب في داخلنا. إن حب الذات بهذا الشكل المطلق و اللامشروط سيسمح لطاقة الحب ان تعبر كل الحدود وبلا حدود، ستفتح الأبواب أمامنا، جاذبة من يتساوى مع طاقتنا لنعيش التناغم والحب الذي يعتبره كل من حولنا أنه لغز عجيب.
فكيف وصلنا الى هنا وكيف وجدنا توأم الروح؟!!
عندما نعطي ذواتنا الحب بكل التفاصيل، ونملئ القلب بالنقاء، نتجرد من الأحكام، ننظر إلى المصدر، إلى طاقة الشيء، إلى الكون والوفرة، عندما نعي حجم وكمية الغشاوة التي تملئ حياتنا وكم تؤثر في عمق الذات على نقاء مصدر الحب. كما قال د.واين داير، عندما تحب شخصاً ما فإنك تحبه لما هو عليه (أي لشخصه) وليس وفقاً لما تريده أنت أن يكون عليه، دون أن تفرض عليه إرادتك ودون أن تحاول وبشكل مستمر أن تغيره. “إن الحب هو القدرة والرغبة في السماح لأولئك الذين تهتم لأمرهم في أن يكونوا كما اختاروا هم لأنفسهم بدون أي إصرار منك -في محاولة- لاسترضائك”.
إن لم نكن قادرين على حب ذواتنا بهذا الشكل فلن نكن قادرين على العطاء وبذلك سنستقبل من الكون بحجم عطائنا هذا الذي نمنحه، فهي معادلة بسيطة تدور بين عطاء واخذ بشكل متناغم مع طاقة الكون، حيث أننا جميعاً متصلون بذاك المصدر كشبكة طاقة كونية رغم اختلافنا، فما نختبره من تجارب في رحلتنا مع الحياة إضافة إلى أسلوب تنشأتنا في الطفولة (برمجة الطفولة) وما إلى ذلك من عوامل كفيل بإعاقة مجرى الطاقة الذي يصل بيننا وبين المصدر مالئاً إياه بالشوائب والرواسب متمثلة بالخوف والريبة وأحياناً بالكره، تلك المشاعر التي تجردنا من قوتنا وتعيق تقدمنا على مسارات الوعي.
فلنتجرد بالعودة الى حيث البدايات الأولى في الكون، كالطفل الرضيع الذي لازال على الفطرة. لنترك لخيالنا مهمة العودة لتلك النقطة ونزيل عن أكتافنا ذلك الحِمل الكبير من الأحكام المسبقة والشوائب العالقة في أذهاننا وعقلنا اللاواعي وقلوبنا، علينا أن نحرر مشاعرنا اتجاه كل شيء في هذا الكون ونبدأ من جديد بتلك النظرة المختلفة من منطلق الذات وصفاءها بشكلٍ متوازن.
إن السماح بتمرير طاقة الحب للمحيطين بنا دون أي إعتبار لطبيعة علاقتنا بهم كفيل بتخفيف متاعب الحياة عن كاهلنا، فلنعطي من هذا الحب الذي يملئنا من الداخل ولو بكلمة. ولنتحرر من أية مشاعر سلبية تعيق قدرتنا على الحب اللامشروط.
لنصل إلى تلك المرحلة يجب أن يكون أسلوب حياتنا هو الحب، حيث ينبع من القلب كل العطاء والتسامح، ونعيد النظر في أحكامنا على المواقف والأشخاص حيث ينشغل القلب بالتركيز على الجوهر ككل وليس بالنظر إلى التفاصيل وتجزئة الموقف.
“كل شيء في هذا الكون جدير بالحب”.