يعتقد البعض أن المضي في رحلة الوعي واكتشاف الذات للوصول إلى السلام الداخلي رحلة محفوفة بالورود واللحظات الشاعرية والنسيم العليل. يصابون بالنشوة لمجرد خوضهم هذا المسار ويعتقدون أنهم حصلوا على ما يبغون بمجرد خوضهم الرحلة.
لكن ما هكذا تسير الأمور.
هنالك وعي زائف وهنالك وعي سامٌّ أيضاً. رحلة الوعي واكتشاف الذات تشبه تفاعلاً متسلسلاً طويلاً يستلزم الكثير من الطاقة والكثير الكثير من المراقبة. الكثير من المراقبة حتى لا نتوقف في منتصف التفاعل متوهمين أننا حصلنا على مرادنا غير مدركين زيف ما حصلنا عليه في أفضل الأحوال أو شدة سُمّيّة ما بين أيدينا في أسوأها.
في الحقيقة إن الوعي هو رحلة الروح في البحث عن حقيقتها باسقاط كل الحقائق التي ارتكز عليها العقل اللاوعي، حيث تبدأ عملية التنظيف بالتخلي عن المعتقدات الراسخة التي تعرقل مسيرة الرحلة وإعادة بنائها من جديد بمعتقدات جديدة، تحدث ولادة جديدة للروح بعد أن يتم التحرر من النظريات التي تم قولبتها بداخلنا
نحن عبارة عن صناديق مغلقة بكل ما نؤمن به لو نظرنا إلى أنفسنا من تلك الزاوية وجمعنا كل اعتقاداتنا المتمسكين بها في هذا الإطار، لذلك لا تتوقف رحلة الوعي عند مرحلة معينه أو سن معين، فكل يوم نكتشف شيئاً جديداً في العمق ويستمر البحث عن الذات وتفكيك أفكار واكتشاف مسارات جديدة، فالتطور من فطرة الإنسان التي خُلق عليها
الركود في حياتنا والاستمرار في نفس المسار ليس بالشي الذي نفتخر به، إن الروح تبحث عن التجديد دائماً، لذلك لا تعتقد أن الهدوء الذي يعم حياتك هو وصولك إلى السلام، بينما تبدأ الروح في البحث عن مرحلة جديدة وعن وعي أعلى مما انت عليه من خلال مشاعر الضجر والاختناق من الأفكار والناس من حولك وتود لو أنك تختفي من واقعك وتخرج من تلك الدائرة وهذا ما يسمى بنداء الروح
ينبغي علينا تلبية نداء الروح بالبحث عن الأسباب التي أدت إلى ذلك والاستجابة إلى الرغبة في التطور والتغيير، وحتماً ستجد الطريق إلى ذلك.
البعض يختار الوعي اختيار ليغير حياته باختيار مسار جديد والبعض يُجبر على التغيير عندما يضرب القاع ولا يحمل أي خيار آخر إلا التغيير، لذلك نسمع كثيراً من يقول لقد غيرتني الحياة، حيث يلوم الآخرين لدفعه إلى التغيير، لكنها فعلياً الروح تطلب التغيير. فأنت بهذا الجسد المادي تسافر عبر الزمن غير مدركاً إلى حاجة الروح إلى الاستيقاظ يوماً ما بعد أن تصل إلى حد الاختناق وتبحث عن متنفس.