ننطلق في هذه الحياة متفائلين ومتحمسين بشأن رحلتنا لتحقيق النجاح، مؤمنين أن كل ما يحدّنا ويعيقنا حالياً سيكون قريباً من بقايا الماضي. تصدمنا الحياة أحياناً، ويمكن أن نشعر أننا نتقدم خطوة للأمام ثم نتراجع خطوتين للوراء، حيث تلوح في الأفق كل العقبات التي تجاوزناها، فيتصاعد الإحباط واليأس وقد يفكر البعض بالإستسلام. لكن الأمور ليست كما تبدو؛ فأولئك الذين يتطلعون للنجاح والوصول إلى أعلى إمكاناتهم وتحقيقها عليهم أن يكتسبوا معرفة ذاتية جديدة ووعياً مختلفاً، يجعلهم ينظرون إلى كل إخفاق وعقبة واجهوها على أنها لم تزد الأمور سوءاً بل على النقيض من ذلك، هي ساهمت بجعلهم أكثر وعياً بحالتهم الراهنة؛ فالنجاح في الحياة أمر نسبي ويحمل معاني متشعبة تختلف باختلاف الظروف في حياتنا باستمرار.
قد تثير هذه الرؤية النسبية لمفهوم النجاح الكثير من التساؤلات لدى البعض عن ماهية النجاح، وماهي مقوماته؟ ماذا يعني أن تكون إنساناً ناجحاً؟ وماذا يلزم لتحقيق ذلك؟
يعتقد الكثير أن النجاح هو أمر خارجي، بينما في الحقيقة هو أمر داخلي بحت. فالنجاح هو أن تصل إلى الصورة التي رسمتها في مخيلتك عن ذاتك، حيث قادك وعيك إلى سلوك طريق رسمها لك شغفك أنت وإيمانك برسالتك، جاعلاً إياك بطل هذا الطريق ما دمت تكافح للوصول والصعود، فليس للنجاح إطار محدد ولكن له مقومات وأدوات عديدة، فإيمانك بنفسك وقدراتك وأن تكون قادراً على معرفة شغفك ورسالتك هو من أهم الأدوات في هذه الرحلة.
إنّ امتلاك مهارات فكرية واجتماعية كفيل بخلق حالة من الذكاء الإجتماعي والعاطفي يجعلك ترى في كل أزمة فرصة للتقدم إلى الأمام دون أدنى خوف من الفشل، فالفشل هو مجرد عائق نفسي يمكن تجاوزه، فالنهاية غير السعيدة لأي حالة يمكن النظر إليها كحدث وحالة مرت وانتهت، والأصوات التي تذكرنا بها هي مجرد صدى لوقت مضى وانتهى فمعوقات النجاح هي فكرية بامتياز وليست مادية ملموسة، فالإنسان الناجح لديه القدرة على رؤية الأحداث من زوايا عديدة ليجد الفرصة دائماً، حيث الإصرار والإرادة تلعب الدور الرئيس في تحقيق ذلك لإنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإيماننا بذواتنا وأننا نستطيع ان نتجاوز ذلك ونستطيع أن نصل إلى ما نريد، كما قال باولو كويلو “إذا رغبت في شيء ما فإن الكون بأسره يطاوعك على القيام بذلك”.
كيف أكون مستعداً؟
إنّ الإستعداد للنجاح ينبع من داخل الذات، فالمشاعر الجيدة هي دائماً المحرك الرئيس، فمن يحمل المشاعر الإيجابية في طريقه ورحلته اتجاه ما يصبو إليه، فأنّ الكون بكل معطياته سيتوافق مع نواياه للوصول إلى الهدف طالما التركيز على الهدف وليس المعيقات في الطريق إليه. أما إن كنت تحمل المشاعر السلبية واستسلمت، فتذكر أنك ما دمت قادراً ان تهوي بنفسك إلى المنحدر وانت تلوم كل الكون إلا نفسك، فأنت وبكل هذه القوة قادرٌ على أن تحمل نفسك لتصل الى أعلى السماء، حيث تكون قمة النجاح أنْ تحقق كيانك واستقلاليتك.
إن مسارات الوعي الذاتي والمشاعر الإيجابية تترابط فيما بينها على طريق النجاح. فالرضا عن النفس الناتج عن الوضوح والفهم الذاتي مدعوماً بمعرفة الشخص لنقاط قوته وضعفه والعمل على تحسينها من أهم الإستعدادات لرحلة النجاح .فإن كنت قادراً على تحديد شغفك ورسالتك وأهدافك، مستمع جيد لنفسك وحدسك، تملك قوة الاختيار، ولديك المرونة للتغيير حيث أنك المتحكم بقراراتك و لا تسمح للإحباط أن يتسلل إلى داخلك، حينها سيغمرك اليقين للوصول، وستدرك جيداً أن كل شيء يحتاج إلى وقت ليحدث في توقيته الملائم، حينها لن تتعجل الأمور وحتماً ستصل.
تذكر جيداً “أنت بحد ذاتك حالة ولك أثر كبير في حياة كثير من الناس، لا تستخف بنفسك”.